لم يكن سقوط جزء من مجسر العطيشي في كربلاء مجرد حادث إنشائي عابر، بل تحول إلى زلزال سياسي يضرب ثقة الشارع بمشاريع الحكومة، ويضع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في مواجهة اتهامات مباشرة بتحويل أرواح الناس إلى وقود في معركة انتخابية مبكرة.
ليصلك المزيد من
الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
ويعود الجسر الذي يربط كربلاء بالعاصمة بغداد عبر ناحية الحسينية، إلى كونه جزءاً من مجسر قيد الإنشاء لم يكتمل بعد. حيث يُشير الخبراء إلى أن ضعف التصميم والمواد الرخيصة المستعملة، أدى إلى هذا الانهيار المفاجئ الذي يذكر بكوارث سابقة مثل انهيار مزارات وجسور أخرى في المحافظة بسبب الرطوبة والصيانة المُهملة.
وقال النائب عن محافظة كربلاء، محمد جاسم الخفاجي، في منشور على حسابه في فيسبوك، تابعته وكالة فيديو
إن “فاجعة سقوط جسر الحسينية على طريق كربلاء- بغداد لا تفسير لها سوى سوء التنفيذ وانعدام الجودة في تنفيذ المشاريع، بسبب سوء اختيار الشركات ويلحقها ضعف دوائر الإشراف على العمل: تكليف بأكثر من مشروع، عدم الاهتمام والإخلاص بالعمل، عدم التواجد في الموقع، قلة خبرة المهندسين والفنيين”.
وأضاف، أن “هذه الحادثة يتحملها رئيس الحكومة الذي لا أستبعد ضغوطه لغرض إكمال هذه المشاريع (المجسرات) لقص الشريط قبل الانتخابات بأي ثمن كان، وبغض النظر عن جودة ورصانة التنفيذ”.
و أن “الحادث هو سقوط أثناء عملية الصب، حيث أن الدفاع المدني للآن أخرج 8 مصابين من تحت الأنقاض ولاوفيات للآن، ولكن توجد سيارة بداخلها أشخاص لا زالت عالقة، علما سابقا أبلغت وزير الإعمار بمشاكل الطريق البديل وخطورته وأبلغني بالمتابعة ولكن لم تجري المعالجة أصولياً”.
جاء ذلك بالتزامن مع إعلان محافظة كربلاء، إنقاذ عجلة من حادث انهيار جسر الحسينية في مدخل المحافظة، فيما تستمر الجهود لإنقاذ عجلة ثانية.
بدوره، قال نائب رئيس مجلس محافظة كربلاء، محفوظ التميمي إن “أوامر القبض شملت ثلاثة مهندسين من الدائرة الحكومية المشرفة على العمل، إضافة إلى اثنين من الشركة المنفذة (مدير المشروع والمهندس المراقب) كما تم توقيف ضابط مرور موقع الحادث”.
وأوضح التميمي، أن “عملية التوقيف جاءت بموجب المادة 340 من قانون العقوبات، وعلى ذمة التحقيق، وذلك لحين إكمال اللجنة العليا المشكلة بأمر من رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني إجراءاتها التي تهدف إلى الوقوف على الأسباب الحقيقية للحادث وتحديد المقصرين”.
وأمر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ليلة أمس، بتشكيل لجنة للتحقيق في ملابسات حادث انهيار جسر العطيشي بكربلاء.
وذكر بيان لمكتب السوداني تابعتة وكالة فيديو ان
رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، باهتمام كبير، تطورات الحادث المؤسف في موقع مشروع مجسر العطيشي بمدينة كربلاء، قيد الإنشاء”. وأضاف البيان، أن “السوداني وجّه على الفور، بتشكيل لجنة تحقيقية من الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات، ومحافظة كربلاء، من أجل الوقوف على تفاصيل الحادث، وتحديد المقصرين والمسؤولية”.
إلى ذلك، قال عضو ائتلاف دولة القانون عثمان الشيباني، في بيان تلقته “العالم الجديد”، إن “حادثة انهيار مجسّر كربلاء ليست الأولى، فلقد سبقتها حادثة انهيار جسري الطوبجي والزعفرانية، وهذا ناتج عن طرق الإحالة المباشرة لشركات غير رصينة، وتكون مقربة من المحافظين؛ فضلا عن ضغط الحكومة المركزية على هذه الشركات للتنفيذ بوقت محدود لكي يتم افتتاحها قبل موعد الانتخابات النيابية المقبلة، لتستعمل كدعاية انتخابية للحكومة المركزية والمحلية”.
وأضاف، أن “بناء المجسّرات يعد تكنيكا إنشائيا قديما، ونحن في هذا القرن تنهار، وما حدث في كربلاء هو تراجع على مستوى الإدارة والشفافية في منح المشاريع، وعلى مستوى النزاهة في التنفيذ والمتابعة وعلى مستوى احترام أرواح الناس، وهذه سابقة خطيرة، وعلى القضاء الموقّر أن يتدخل لحماية أرواح الناس”.
وليست المرة الأولى التي يتم فيها انهيار جسر في العراق، فقد تعرض جسر الطوبجي قيد الإنشاء في بغداد، إلى انهيار جزئي نهاية العام الماضي.
فيما تحول مجسر الزعفرانية في بغداد، منتصف العام الحالي، إلى موجة واسعة من السخرية والاستياء إثر تحول أجزاء من منه إلى ما يشبه “الشلال” أو “النافورة المائية” بسبب تدفق المياه بشكل غير طبيعي من بنيته التحتية.
ويمر العراق بتحديات كثيرة تحيط به، بدءا من توترات المنطقة والانسحاب الأمريكي وانعكاساته على الداخل العراقي، وصولا إلى الانتخابات المقرر إجراؤها في 11 تشرين الثاني نوفمبر المقبل.
وتعد الانتخابات البرلمانية المقبلة التي من المقرر أن تجري في الـ 11 من تشرين الثاني نوفمبر المقبل، الأكثر شراسة وتنافسا، خصوصا مع حالة الانقسام السياسي داخل القوى الشيعية والسنية والكردية، الأمر الذي قد يدفع بعض الجهات إلى استخدام أساليب شرعية وغير شرعية في ضرب الخصوم.
وتشير معظم المؤشرات التي يطرحها مراقبون إلى تراجع المشاركة في الانتخابات، بسبب حالة الاستياء الشعبية والإحساس بصعوبة التغيير في النظام السياسي، لا سيما أن الأحزاب تتمسك بمبدأ المحاصصة الحزبية والطائفية والقومية في إدارة الدولة العراقية الان