كيف ظهر قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في العراق، وما هو دوره في إطلاق المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأميركي، ثم ضد إرهابيي داعش؟ قصة الحرب التي أدّت إلى هزيمة داعش، بدأت بلقاء بين سليماني والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في بيروت، وباستدعاء ضباط ميدانيين في الحزب إلى دمشق لتكليفهم مساعدة العراقيين في دحر "داعش". القصة يرويها لـ thecradle.co أحد هؤلاء الضباط (اسمه المستعار "ساجد") الذي رافق سليماني وخاض إلى جانبه معظم المعارك التي أدت إلى هزيمة التنظيم الإرهابي بعدما سيطر على أجزاء كبيرة من أرض العراق
The Cradle: مع بروز دور داعش، خرج إلى الضوء اسم الحاج قاسم سليماني. لكن نشاطه في العراق كان قد بدأ قبل ذلك. ما هو الدور الذي أداه في مقاومة الاحتلال الأميركي؟
ساجد: الحاج قاسم هو قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني، وقد قاتل في الحرب الإيرانية العراقية، ويعرف العراق جيداً. عندما احتل الأميركيون العراق، قررت بعض التشكيلات التي كانت تنشط ضد نظام صدام حسين أن توجه جهودها لمقاومة الاحتلال الأميركي. وطلب هؤلاء مساعدة الحاج قاسم، وهو لم يتأخر في الاستجابة. وقد ساعد في تنظيم هذه المجموعات وإنشاء معسكرات تدريب وأشرف شخصياً على تقديم الدعم والتجهيزات والسلاح لفصائل المقاومة العراقية.
The Cradle: مع تمدد سيطرة داعش، بدأ حضور سليماني يظهر إلى العلن. في إحدى خطبه، قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إن حزب الله كان في مقدمة من أتوا معه. ما هي المهمة التي كُلِّفتم بها وماذا كانت التعليمات والأهداف؟
ساجد: بعد لقاء بين الحاج قاسم والسيد نصرالله، أُخذ الأخير القرار باستدعاء مجموعة من كوادر الحزب، بين ١٢ و١٣ شخصاً، إلى لقاء مع الحاج قاسم في دمشق. هناك أبلغهم بأنهم سيتوجهون إلى العراق لمساعدة إخواننا في المقاومة العراقية، عبر نقل الخبرات التي اكتسبوها في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وفي الحرب السورية. كان هؤلاء من اختصاصات مختلفة، من بينهم قادة عمليات. ثم فاجأ الجميع بأن المهمة بدأت للتو وأن عليهم التوجه فوراً إلى بغداد. طلب بعضهم فرصة لإحضار أمتعتهم الشخصية أو لتوديع عائلاتهم، فقال يمكنكم ترتيب أموركم هناك. قال إنه سيغادر في الليلة نفسها الى بغداد، وسيصطحب معه بعضهم على أن يوافيه الباقون فوراً. وهذا ما حصل. غادرت الدفعة الأولى مع الحاج قاسم على الطائرة نفسها إلى بغداد، وأمضوا الليلة الأولى في منزل أبو مهدي المهندس. بعدها تتالى وصول الباقين، وبلغ العدد نحو ٣٠. تولى الحاج قاسم شخصياً توزيع الأدوار والمهمات، وقال: جميعكم شاركتم في عمليات كبيرة ضد إسرائيل وضد التكفيريين في سوريا. المطلوب منكم نقل خبراتكم الى إخواننا العراقيين، وأن تُظهروا أمامهم الروحية نفسها التي قاتلتم فيها الإسرائيليين ودافعتم فيها عن مرقد السيدة زينب. كانت هذه المهمة ببساطة. بعدما أنهى توزيع المهمات، توجه كل إلى الموقع الذي حُدد له. وكان ذلك قبل فتوى المرجع (الشيعي) الأعلى في العراق سماحة السيد علي السيستاني، في 13 يونيو/حزيران 2014، التي أدت إلى تشكيل قوات الحشد الشعبي، بهدف مواجهة تمدد داعش وسيطرته على أجزاء واسعة من العراق.
إلى جانب داعش آنذاك، كانت توجد فصائل مسلحة أخرى، كالمجلس العسكري الذي كان يضم تنظيمات مختلفة من بينها "ثورة العشرين" و"ألوية صلاح الدين" و"ألوية رسول الله" و"ألوية القعقاع" ومجموعات من حزب البعث. في تلك الفترة، كان هؤلاء يمدون سيطرتهم باتجاه غرب بغداد بشكل أساسي، بعدما استولوا على مدينة الموصل، واقتربوا من مدينة سامراء.