الجمعية الوطنية تصوت على حجب الثقة عن حكومة فرانسوا بايرو

کاتب ١ 8/09/2025 - 09:05 PM 24 مشاهدة
# #

تدخل فرنسا نفقا غير مسبوق ومرحلة دقيقة في تاريخها السياسي الحديث، إذ تستعد الجمعية الوطنية للتصويت على منح الثقة لحكومة رئيس الوزراء فرانسوا بايرو الذي تولى منصبه في خضم تفكك الغالبية البرلمانية، مما يجعله أمام اختبار أشبه بلعبة توازن محفوفة بالمخاطر.
ومدفوعا بخطة تقشفية تهدف إلى كبح جماح العجز المالي، سيضع بايرو رصيده السياسي بأكمله على المحك غدا الاثنين، وسط أزمات متتالية تضرب عدة قطاعات حيوية، وعلى رأسها الرعاية الصحية.
وسواء أسقِطت الحكومة أو نجحت في كسب الثقة، لا يزال عدم استقرار الدولة يلوح في الأفق، في ظل وجود حكومة بأغلبية هشة ووعود بإصلاحات تقشفية تقابل برفض حاد، فضلا عن ضغوط شعبية تتوعّد بشلّ حركة البلاد في الأيام المقبلة.

 

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام  

ختبار للشرعية

وفي هذا السياق المتوتر، لا يمثل تصويت الثقة إجراء برلمانيا روتينيا فقط، بل يتعداه إلى كونه اختبارا حاسما لشرعية النظام السياسي الفرنسي، مما قد يفتح الباب أمام تحول سياسي يُنذر بتغييرات عميقة، أو يتحول إلى نقطة فاصلة ترسم صورة جديدة للسلطة التنفيذية المقبلة في فرنسا.
وبمبادرة غير مسبوقة في تاريخ الجمهورية الخامسة، خاطر فرانسوا بايرو بتقديم بيان حكومته أمام الجمعية الوطنية وإلى أعضاء لا يؤيدونه في البرلمان، بهدف الحصول على ثقتهم، استنادا إلى المادة 49.1 من الدستور، التي لا تستطيع تحملها إلا الحكومات التي تتمتع بأغلبية مريحة في قصر بوربون.
ومنذ إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن حل البرلمان في يونيو/حزيران 2024، عجزت الحكومتان الحالية والسابقة التي ترأسها ميشيل بارنييه عن ضبط الوضع الداخلي بسبب غياب التوافق بين الأحزاب السياسية وضعف القواعد المؤسسية.ومن المفترض أن يعتمد التصويت على الأغلبية المطلقة للأصوات المُدلى بها، ويُجرى بالاقتراع العام في قاعة المجلس أو في القاعات المجاورة، وسيُؤخذ الامتناع عن التصويت في الاعتبار، بخلاف اقتراح حجب الثقة الذي يتطلب أغلبية مطلقة من أعضاء الجمعية الوطنية لإقراره، والذي يُعتبر فيه النواب الممتنعون عن التصويت مؤيدين للحكومة.

سقوط الحكومة
فشلت حكومة فرانسوا بايرو بالحصول على 289 صوتا من أصل 577، فسيكون مصيرها السقوط، وهو السيناريو المرجح، حيث أعلن كل من حزب فرنسا الأبية، والتجمع الوطني، والحزب الشيوعي، والاشتراكي، والخضر، أنه سيصوت ضد رئيس الوزراء.
وفي هذه الحالة، سيضطر بايرو ووزراؤه إلى الاستقالة، وتدخل الحكومة مرحلة "تصريف الأعمال"، أي أنها ستقتصر على تسيير شؤونها اليومية إلى حين تعيين خلف لها من قبل رئيس الجمهورية، ولن تملك أي شرعية سياسية لاتخاذ قرارات هيكلية أو إقرار مشاريع قوانين.
وبالتالي، ستدخل البلاد حالة من الشلل السياسي المؤقت، مع توقف تام للنقاشات بشأن ميزانية 2026، وتجميد الإصلاحات التي وعد بها رئيس الحكومة، وأهمها تقليص النفقات العامة بقيمة 44 مليار يورو.
وسيضغط هذا السيناريو على إيمانويل ماكرون، الذي يواجه انتقادات لاذعة تتهمه بالعجز عن تشكيل حكومة قابلة للحياة، وسيكون أمامه 3 خيارات واضحة: تعيين رئيس وزراء جديد من الكتلة البرلمانية، أو تكليف شخصية من المجتمع المدني، أو سياسي من حزب آخر قادر على تشكيل ائتلاف.

فوز بايرو بالثقة
لا يزال بإمكان فرانسوا بايرو النجاة وتحقيق الفوز، رغم أنه احتمال ضعيف، لكن ذلك لن يعني نهاية الأزمة بل بدايتها الفعلية، في ظل استمرار شراسة المعارضة وغياب الأغلبية البرلمانية، فضلا عن غضب الشارع الفرنسي من السياسة التقشفية.
ويشبه هذا السيناريو "التنفس الاصطناعي" الذي يمنح الحكومة الحالية بعض الوقت إلا أنه لا يضمن استقرار البلاد أو تقديم الأحزاب الأخرى تنازلات كبيرة أمام الخطة الاقتصادية، مما يعني أن أي فشل بسيط في التفاوض قد يؤدي إلى سقوط جديد.
ويرى مراقبون أن فوز بايرو في التصويت قد يدفع الشارع إلى التعبئة بشكل أكبر، ويجعل الحكومة أمام معركتين، الأولى داخل البرلمان، والثانية خارجه في المدن الفرنسية التي ستعج بالمظاهرات.


حقوق الطبع والنشر © Video IQ